هل على الفتاة أن تتزوج بمن هو في سنها؟

بقلم د/ محمد سالم القرني

قبل أن نجيب على هذا التساؤل لعله من المفيد أن نذكر صور الزواج في المجتمعات العربية الذي يأخذ صور رئسه.

- زواج يكون فيه فارق كبير في السن بين الزوجين أكثر من عشر سنوات، وقد يتعدى العشرين عاماً أو أكثر.
- نوع آخر من الزواج قد تكبر فيه المرأة الرجل بعام أو أعوام.
- النوع الثالث ويأخذ صورة التقارب الشديد لدرجة التساوي في السن بين الزوجين.

    فالزواج هو السبيل الوحيد للسكن والمودة والرحمة والشعور بالراحة والطمأنينة خاصة إذا ما كان هذا الزواج قائم على أسس نفسية وعلمية واجتماعية ودينية سليمة وفي ذلك يقول الله تعالى " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون"  ورحمة" صدق الله العظيم

    ويُعد التكافؤ شرطاً أساسياً من شروط نجاح الزواج سوأ أكان ها التكافؤ نفسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً أو جنسياً، كما أن للمستوى والفرق العمري بين الزوجين دور كبير في سلامة الزواج وقوته ويتوقف عليه مدى نجاحه من عدمه فللسن قيمة هامة في إسعاد الزواج وسلامته، وهو هام أيضاً لكي يتحقق الهدف من الزواج ويكون فيه التعاون بين الزوجين، ويسهل على كل واحد منهما فهم الآخر، وكم من زواج انتهى بالفشل الذريع؛ لأن الزوجين لم يكن بينهما تكافؤ، ولم يتحقق التفاهم والسكن المراد من الزواج.

أولاً: الرجل أكبر من المرأة:

   إذا كان الرجل هو الأكبر سناً فقد تكون العلاقة بينهما مثل علاقة الوالد بابنته، وتنشأ هوة عميقة بين الزوجين عند عدم تكافؤ السن بينهما، كأن يكون سن الرجل 45 سنة، وسن المرأة 20- 25 سنة.وكثيراً ما تنتهي هذه الزيجات بالطلاق بسبب عدم القدرة على التفاهم بسبب الفرق الكبير في المستوى العمري وصعوبة التواصل بين الزوجين وصعوبة التفاهم بينهما, كلاً يريد طرفاً آخر وشريكاً ينسجم معه في سنه وعواطفه. وكما نعرف بأن الإنسان عبر حياته ونموه يمر بمراحل عديدة من أهمها ما يلي: مرحلة الميلاد، مرحلة الطفولة المبكرة، مرحلة الطفولة الوسطى والمتأخرة، مرحلة المراهقة، مرحلة الرشد (الشباب)، مرحلة الشيخوخة. وكل مرحلة من هذه المراحل لها خصائصها التي تميزها والتي تختلف عن باقي المراحل الأخرى. فإذا تزوج رجل كبير السن بفتاة في العشرينات من عمرها فعلى كلاهما معرفة خصائص المرحلة العمرية عند الآخر حتى يتم التواصل بينهما ويمد جسر التفاهم مع هذا التباين الواضح في العمر والخصائص. فمن صفات كبار السن: وهو ما يُعاب عليه أنه لا يحتمل غيره، وتبدو عليه حال عصبية زائدة، أو اكتئاب نفسي، ومنهم من يصاب بالأرق، أو تقل شهيته للطعام، أو تضعف ذاكرته فينسى الحوادث القريبة، بينما يتذكر الحوادث البعيدة القديمة، وتقل بالتدريج قدرته على الفهم والحركة وتوضيح النطق وترتيب الكلام، ويسير ببطء نتيجة تصلب الشرايين أو قصور دورة الدم في المخ، وقد يظهر عليه من الأمراض الخطيرة مثل السكر وارتفاع ضغط الدم.

   يرى علماء النفس أن هذه الفتاة هي امرأة شديدة الخوف من الحياة، تريد رجلاً يحميها ويعطيها الأمن المنشود، ويحل لها مشاكلها وييسر لها شؤونها، ويوفر لها استقرار مادي كبير، فتقنع نفسها أن فرق السن الكبير أمر تافه لا يهم، ولكنها بعد مرور الوقت تصطدم بصخرة الواقع وتشعر بالإخفاق والفشل في هذا الزواج غير المتكافئ.

ثانياً: المرأة أكبر من الرجل:

   فقد يتحمس شاب للزواج من امرأة تكبره سناً لأسباب منها:

1- أنها أنضج عقلاً وأوسع خبرة، وأفضل سلوكاً، وأقوى شخصية، وأكثر استقراراً.
2- فهو ينتظر منها قدراً أكبر من الحنان كما كان يأتيه الحنان من أمه الأكبر سناً، فهو يرى في امرأته صورة أمه ودورها في الحياة.
3- اعتقاده أن المرأة الأكبر سناً أقدر على البذل والعطاء.
4- قد تكون أكثر ثراء وغنى ونفوذاً فتساعده على الحياة وهو في مقتبل العمر والعمل.

    وهنا نذكر نموذجاً من نماذج الزواج الناجح وكانت الزوجة أكبر سناً من الزوج، وكان بينهما من التفاهم والود والحب ما لم يشهده التاريخ من قبل ولن يشهده من بعد. أنها قصة زواج السيدة خديجة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت تبلغ الأربعين من العمر والرسول يبلغ الخامسة والعشرين، السيدة خديجة أول من آمنت بالرسول صلى الله عليه وكانت رفيقة الدرب شريكة ا لآلام والآمال، أحبها الرسول صلى الله عليه وسلم حباً شديداً، ومن وفائه لها أنه لم يتزوج عليها في حياتها، وكان دائم الذكر لها بعد موتها، وسطّرها التاريخ بسطور من نور كلماتها التي واست بها الرسول عندما نزل عليه الوحي، ورجع إليها وأخبرها الخبر وقال: ((لقد خشيتٌ على نفسي))، فقالت خديجة: كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. وقال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء)).وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها عز وجل ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب)).

ثالثاً: المرأة في سن الرجل:

   من الناحية العلمية والاجتماعية فإنه ليس من المفضل أن تتزوج فتاة بمن يتساوى معها في المستوى العمري لأن الفتاة أسرع نضجاً من الفتى في العمر نفسه. ويؤكد علماء النفس على أهمية عدم وجود هوة شاسعة في المستوى العمري بين الزوجين من ناحية وعدم وجود تقارب شديد في المستوى العمري بين الزوجين من ناحيةٍ أخرى وذلك للأسباب الآتية:

1- اختيار السن المماثلة والمتقاربة دليل على نضج المجتمع ومسايرة العرف والمعروف.
2- ظروف المعيشة والحياة تجعل الواجبات والتبعات مشاركة بين الزوجين.
3- عند تقارب السن بين الزوجين تتقارب أفكارهما ونظرتهما للحياة ومطالب الأسرة وتتحد آراؤهما في تربية الأطفال وتقدير الأمور.
4- يتقارب الوضع الاجتماعي في درجات الوظائف، ولا يحدث تفاوت كبير بين الزوجين في الأحلام والآمال والطموح عكس ما يحدث إذا كان كل من الزوجين من جيل مختلف.

  وعلى ذلك فإن من المؤكد علمياً ونفسياً أن عدم وجود فارق شديد وكبير في المستوى العمري من ناحية وعدم التقارب الشديد في المستوى العمري من ناحيةٍ أخرى يُعد من الأمور الهامة في نجاح الزواج إلا أن هذا لا يمنع أن هناك نماذج من الزيجات الناجحة التي تساوى الطرفان فيها في العمر وهذا بدوره يتوقف على سيكولوجية الطرفين ودرجة تقبل كل منهما للآخر.


آخر تحديث
4/12/2011 3:24:56 PM