في فصل الأستاذ ميكائيل

العودة إلى أطفالنا   مختارات تربوية

 

منهج حل المسائل أهم من حل المسائل

 

تجربة فريدة ومتميزة ومشوقة يكتبها الأستاذ ميكائيل ميكيوسا

 

 

إن من الأهداف الأساسية للمعايير المنهجية والتقييمية للرياضيات التي تدرس في المدارس هو أن يصبح جميع الطلاب لديهم قدرة على معالجة المسائل الرياضية بصورة صحيحة. ويعتقد المختصين في هذا المجال أنه ومن أجل تنمية هذه القدرة يجب أن يعمل الطلاب على حل مسائل تستغرق ساعات أو أيام أو حتى أسابيع لحلها.

شعرت بالصدمة وشيء من العجب وأنا أقرأ هذا الاعتقاد وكنت أقول في نفسي: يبدو واضحا أن هؤلاء المختصين لم يتعرفوا على طلابي بعد! . فطلابي عندما يصادفون  مسألة حسابية يعتقدون أنه بإمكانهم حلها بباسطة لأنهم درسوها في مادة الرياضيات عن طريق مهارة أو تقنية معينة أو أجراء معين قد تم تعلمه مؤخرا. إن هدف كثير من طلابي هو ببساطة إيجاد الإجابة لأجل الإجابة. فإذا انتهوا إلى الحل الصحيح فهذا كل ما كانوا يأملونه، و إن عجزوا عن ذلك ؛ هنا فقط يأتي دوري كمعلم لأوضح لهم الطريقة الصحيحة لحل المسألة. وكأن بيني وبينهم عقدا غير مكتوب عندما يواجهون صعوبات في حل المسائل الحسابية يجب علي الإسراع لمعاونتهم.

وطبعا معاونتي لهم تمر بمراحل رتبتها كالتالي:

أولا: أشجعهم على التفكير في الأشياء التي تعلموها أو أنصحهم بإعادة قراءة المسألة.

ثانيا: إذا فشلت هذه الاقتراحات في مساعدة فرد منهم أو جماعة من الطلاب أعطيهم تلميحات محددة ترشدهم لإيجاد المسألة. على سبيل المثال أقول لهم: استخدم جدولا لتنظيم بياناتك أو أنظر للنموذج.

ثالثا: إذا فشلت الإستراتيجية السابقة فإنني أسألهم أسئلة محددة أعلم أنها ستؤدي مباشرة إلى حل المسألة.

وعندما لا تصلح أي واحدة من هذه الاستراتيجيات ، أقدم لهم الحل على السبورة. وبهذا نقضي بضع دقائق فقط لحل المسألة!

لا أذكر أبدا أي مسألة أعطيتها لطلابي ليحلوها أخذت منهم أكثر من خمس عشر دقيقة. ولك أن تتخيل عدم رضاي واضطرابي عندما قرأت لأول مرة تقريرا عن بعض طلاب المدارس والذي ذكر فيه أن الطلاب يحتاجون لتمضية ساعات وأياما وأسابيع في مسألة واحدة. حاولت التفكير في مسألة رياضية أعطيها لطلابي لأشغل تفكيرهم واهتمامهم لساعات طويلة لكني لم أكن مرتاحا ولا موافقا على هذه الفكرة.

بدأت أقرأ المقالات التي تتعلق بتعلم الرياضيات وحضور اجتماعات للتنمية المحلية بحثا عن رؤية جديدة لحال مسائل الرياضيات.

 

* * * * * * * * * * * *

 

في إحدى المؤتمرات التي كانت تناقش حل المسائل قالت المحاضرة: إنها ستشركنا معها في مسألة شهيرة يمكن استخدامها مع الطلاب في جميع الأعمار. ثم وضعت هذه المسألة على شاشة العرض لنقرأها. " اشتعلت مدرسة Elmwood بالنيران هذا اليوم" . بعد أن قرأت هذه المسألة أصبحت محبطا ومضطربا ونظرت حول القاعة ولاحظت أن الآخرين كانوا يتحدثون في هذه المسألة. وبعد مقارنة رد فعلي مع من حولي؛ أدركت أن معلمين آخرين فكروا بنفس الأسلوب الذي فكرت به ولكن عندما ناقشنا المسألة بدأت أدرك نظرة جديدة لحلها . ذكر أحد المعلمين في مجموعتنا: "أن الحريق كان نتيجة تجربة علمية انفجرت وسببت الحريق". وقال آخر: " الشمس سببت الحريق عندما أشرقت من خلال نافذة الفصل ثم تجمعت عن طريق عدسة مكبرة تركت فوق جرائد قديمة." ومن خلال هذه الأطروحات ساعدتنا المحاضرة على إدارك أنه يمكننا أن نستخدم إبداعنا الشخصي في تفكيرنا ومعرفتنا الرياضية المسبقة في عملية حل المسائل.

لقد اكتسبت بعض الخبرات الجيدة عن كيفية تطوير طرق حل المسائل في الفصل الدراسي مع طلابي، وجمعت أيضا مسائل جديدة وتعودت الصبر على طلابي في حل المسائل. كما عزمت خلال الصيف أن استكمل حلول المسائل في كل فروع الرياضيات مسلحا بالمسائل التي جمعتها ثم أعدت حلها.

بدأ العام الجديد؛ وعدت إلى طلابي بشخصية أخرى وهدفي هو حل المسائل ولكن حدث ما لم  يكن في الحسبان.

 

* * * * * * * * * * * *

 

 

خلال الأسابيع القليلة الأولى من العام الدراسي، رغب الطلاب أن أوضح لهم كيفية حل جميع المسائل  أو إعطاءهم ملاحظات تساعدهم في حل المسألة دون عناء. ولهم العذر في ذلك فقد كنت عودتهم على هذا الأسلوب.

ولكن وبسبب جهلهم لما كنت أخطط له فقد اعتقد الطلاب وبعض آباؤهم أنني لا أقوم بواجبي. بالنسبة لي اقتنعت أن طلابي لم يمارسوا حل مسألة حقيقة خلال الفترة الماضية!!

في هذا العام بالذات جئتهم بروح جديدة تحاول محاولة الأخطاء بالإضافة إلى تطوير بعض التقنيات لمساعدة الطلاب حتى يصبحوا أكبر قدرة على معالجة مسائل رياضية أكثر قوة.

 

في البداية كانت لدي مجموعة من الاستراتيجيات تركزت حول مساعدة طلابي في تعلم أي من الأدوات المتوفرة لحل المسائل الرياضية. فقد قدمت عدة مسائل يسهل حلها باستخدام الاستراتيجيات اليدوية المتعددة والألآت  الحسابية. وبمجرد أن أصبح طلابي على دراية تامة بهذه الأدوات؛ بدأت أركز على الابتكار والتجديد في حل المسائل الحسابية.

 

في بداية التجربة، لاحظت أن بعض الطلاب يواجهون القلق والإحباط وهذا حسب تصور نتيجة عدم امتثالي لطلبهم في توضيح كيفية حل المسائل. حاولت أن أكون صبورا معهم وفي الوقت نفسه حازما لأعينهم على تغيير هذا السلوك الإتكالي فوجدت أنه من الصعب خلق المناخ المرغوب فيه لحل المسائل في الفصل بدون تغيير اتجاهات الطلاب أولا ومن ثم تغيير تفكيرهم تجاه الرياضيات وحل المسائل.

 

وبعد فترة بدأ طلابي في تغير الاتجاه وذلك بعد أن أوضحت لهم أني أحترم قدرتهم على حل المسائل وأن الصبر والإصرار مهمان لكي تصبح قادرا على معالجة المسائل الرياضية بطريقة ناجحة.

 

هناك نقطة مهمة جدا تعلمتها وقمت بتطبيقها مع طلابي وهي : أن القراءة الجيدة للمسألة ضروري جدا في عملية تغيير معتقداتهم عن حل المسائل الرياضية ؛ خاصة إذا جاء عرضها بطريقة جيدة.

 

* * * * * * * * * * * *

 

بدأت بمسائل سهلة الفهم والتي يمكن حلها بعدة طرق مختلفة وأطلقنا على نوعية هذه المسائل والتي كانت تؤدي إلى مناقشات بناءة في الفصل بـ" مسائل بائع الأحذية".

 

على سبيل المثال خذ هذه المسألة:

ذهب رجل لمحل الأحذية واشترى زوجا من الأحذية كلفته قيمة 5 دولارات. ولكنه قام بدفع 20 دولارا مزورا لبائع الأحذية والذي لم يكن لديه قيمة الباقي ليرجعه لهذا الزبون؛ مما اضطره إلى الذهاب للبقال المجاور وهو يجهل أن العشرين التي يحملها مزورة. وبالفعل أعطاه البقال أربع ورقات من فئة خمس دولارات. عاد بائع الأحذية لمتجره وأعطى الزبون الباقي وزوج الأحذية التي اشتراهما. بعد فترة جاء البقال لبائع الأحذية مع المباحث الفيدرالية وأخبره أن العشرين دولارا كانت زائفة. لذا أعطى بائع الأحذية 20 دولارا عوضا عن العشرين المزورة. كم خسر صاحب المحل؟

 

أوصيت طلابي بقراءة هذه المسألة ( وأي مسألة أخرى) على مراحل:

أولا: كنا نقرأها معا بصوت عال.

ثانيا: نعاود قراءتها ولكن هذه المرة في مجموعات بحيث أن كل مجموعة تقرأها بالأسلوب الذي تراه صحيحا ومناسبا؛ وذلك لمساعدة الطلاب على تفسير المسألة بعدة طرق. وهذه الخطوة بالذات تؤدي إلى نشاط الذهن عندما يعرض الطلاب المعلومات التي يعتقدون بأهميتها في حل المسألة.

إلى جانب ذلك كله؛ كنت أمانع من التقليل من أهمية أي فكرة يطرحها أي طالب بل آمر طلابي بأخذ كل فكرة والنظر إلى مدى صلتها بالمسألة من عدمها.

 

عودت طلابي دائما على إعداد قائمة تتضمن كل المشاركين في أحداث المسألة وترتيب الأحداث والمبالغ النقدية وأي معلومات أخرى يعتقدون أهميتها في حل المسألة.  كنت أحرص دائما على خلق اتجاه للعمل التعاوني في مجموعات صغيرة.

فبعد دقائق من التفكير ؛ اجعل الطلاب يعملون في مجموعات صغيرة من ثلاث أو أربع طلاب لتوليد استراتيجيات يمكن استخدامها في حل المسائل. بعد ذلك اجعل كل مجموعة تتناقش فيما بينها حتى يتوصلوا إلى حل مقنع أو يتفقوا على عدم استطاعتهم تقديم حل لهذه المسألة.

وطبعا أثناء نقاشهم كنت أدور بينهم وأسأل أسئلة لاستثارة تفكيرهم. كنت أركز دائما على أهمية أن يتبادل الطلاب وجهات النظر حول تفكيرهم الخاص بعيدا عن فرض رأيي عليهم كمعلم.

 

كنت دائما أضع أمامهم شرطا حازما وهو: على كل مجموعة أن تتفق على الحل الأكثر إقناعا وأن تكون مستعدة للدفاع عن استنتاجها أمام المجموعات الأخرى.

وبعد حصول كل مجموعة على الوقت الكافي لحل المسألة وتقديم البراهين، تتجمع كل المجموعات في مجموعة كبيرة واحدة لمناقشة النتائج والمشاركة فيها. هنا تحدث مناقشات جانبية خلال مشاركتهم لبعضهم البعض وكان علي أن أتابع هذه المناقشات لاستخلاص الاستراتيجيات المستخدمة من قبل كل مجموعة وأسأل أسئلة تحتاج من الطلاب إعادة النظر في أساليب حلهم.

 

* * * * * * * * * * * *

 

لنعد الآن إلى مسألة بائع الأحذية والتي حاولت كل مجموعة تقديم تفسير منطقي يحتوي على معلومات مرئية يتم العمل بها باستخدام خرائط وأشكال وضعوها لأنفسهم؛ وذلك لإقناع المجموعات الأخرى في الفصل.

مثلا؛ إحدى المجموعات حاولت إعادة تصوير ورسم الأحداث كالتالي:

بائع الأحذية يعطي الزبون 15 دولارا (باقي الثمن) بالإضافة إلى زوج الحذاء

يجب أن يعطي بائع الأحذية عشرين دولارا للبقال.

المباحث سوف تأخذ الورقة المزورة.

إذا فهو سيدفع 15 دولارا و20 دولارا ويكون المجموع 35 دولارا بالإضافة إلى خسارة زوج الحذاء.

 

وخلال المناقشات استخدم الطلاب مرارا الصور والتخيلات لتوضيح عملية تدفق المال.

 

أحد أسباب إعجابي بهذه المسألة هو التعارض الذي خلقته بين طلابي. فقد لاحظت أن كل مجموعة تحاول إقناع المجموعات الأخرى بمنطقية حلها.

 

كنت أحاول أن أقف موقف المحايد وجعلت صوتي يشوبه شيء من الاضطراب وكأنني أجهل حل المسألة مما جعل طلابي في حير ة أيضا. والحق يقال أن أصعب شيء علي كمعلم هو عدم الإجابة عن أي سؤال. فرغم أنهم كانوا ينظرون إلي مرارا علهم يظفرون بإجابة مني أو حل؛ إلا أني كنت أتجاهل هذه النظرات بأسلوب الشخص الذي هو نفسه يبحث عن إجابة. كان هذا الأمر شيئا قاسيا عليهم بعض الشيء. ولكنني لم ألتفت لذلك فقد اكتشفت أن المساعدة التي أقدمها لهم ما هي إلا مساعدة وقتية وسطحية.

واقتصر دوري على طرح أسئلة تحافظ على تركيز الطالب والتفكير في أفكار رياضية مركزية؛ امنحهم من خلالها العون الغير مباشر الذي يحتاجونه لتنمية ثقتهم في قدراتهم الخاصة في التفكير الرياضي.

فمثلا كنت أسأل: " ما هي الحلول التي لها معنى بعد الأخذ في الاعتبار هذه البراهين؟" " هل هذه البراهين مقنعة بالنسبة لك؟" " كيف تدافع عن رأيك تجاه الذين لا يتفقون معك؟"

 

وبمجرد أن يصبح طلابي أكثر استقلالية وإبداعية أسأل أسئلة تشجعهم على التحقق في حلولهم الخاصة. فمثلا؛ " كيف يمكن استخدام ما وجدته في المسألة لإيجاد حل متصل بها؟" ، " لو تم تغيير جزء من المسألة بطريقة ما ماذا سيحدث؟" ، " كيف يؤثر تغيير جزء من المسألة على عملية حلك؟".

 

 

والحق أنه أصبح بإمكاني أن أحكم على مدى تقدم طلابي من خلال نوعية الأسئلة التي يسألونها. ولكن إلى المرحلة؛ كان تحمل الطلاب مسؤولية حل المسألة لا يزال غير مريح بالنسبة لي؛ فهم لم يصلوا بعد إلى هذه المرحلة ولكن مساهمتهم في حل المسائل كان في تقدم مطرد.

 

أتذكر أنني عندما منحتهم الوقت للإجابة كمجموعة واحدة قام طالب في ركن الغرفة واقترح أن قيمة الـ 20 دولارا التي أخذها البقال من قبل بائع الأحذية لم تسبب له أي خسائر. عندها انفجرت الغرفة بالكلام من قبل المجموعات حتى صرخ أحد الطلاب: " لنحلها".

تعمدت عندها  مراجعة كل البراهين والمحاولات السابقة بطرح أسئلة جديدة على كل الطلاب للتفكير فيها: " كم أخرج بائع الأحذية بعد عودته من عند البقال وإعطاء الباقي للزبون بالإضافة للحذاء؟"

وبمراجعة مناقشات الطلاب وطرح الأسئلة تأكدت بعدها من إمكانية تطبيق تقنياتهم في الحل وتشجيعهم على التفكير في رؤى مختلفة لحل المسألة.

وهذه الطريقة لا تساعد فقط الطالب الذي يشعر بالحيرة والاضطراب عند حل المسألة أو عندما يعترض شخص آخر على أفكاره ؛ ولكنها أيضا تساعد الأشخاص الذي قدموا حلولا للمسألة على التفكير في رؤية جديدة تساعد على تقديم أسلوب جديد وتقنية جديدة أو نظرية بديلة لحل المسألة، مما يزيد تفكيرهم قدرة وإبداعا.

من المهم جدا في هذه التجربة المبدئية لحل المسائل أن ينظر الطلاب للمسائل من وجهات نظر مختلفة وأن يقدموا محاولات مقنعة وينصتوا إلى مناقشات مبدئية لحل مسائل بائع الأحذية.

أن هدفي من كل هذه المناقشات هو تعريف الطلاب أن أهم شيء في حل المسألة هو تقديم العديد من الطرق والاستراتيجيات المختلفة.

 

* * * * * * * * * * * *

 

 

وعموما حتى يتعلم الطلاب أنهم أصبحوا قادرين على معالجة المسائل بصورة جيدة يجب أن يقرر كل فرد على حدة ما إذا كان تفكير ه تجاه المسألة صحيحا أو لا. ولهذا حرصت أن مشاركتي لهم في الحل لن تؤثر على تفكيرهم الخاص أو ممارستهم الرياضية. ولهذا السبب فضلت الإنصات لتعليقاتهم أكثر من مشاركتهم.

 

لقد أصبح طلابي معتادين دائما مناقشة الأفكار في الفصل والدخول في مجادلات من شأنها أن تؤيد أو تخالف هذه الأفكار.

 

تعلمت الدقة في معرفة الوقت المناسب الذي يمكنني فيه طرح حلولي وأفكاري والذي لا يأتي إلا بعد أن أتأكد أن الطرق التي استخدمها الطلاب تطابق أفكاري عندها فقط  استمر في مشاركتهم أفكارهم.

 

وحقيقة الأمر أن الزمن الذي استغرقته في ممارسة هذه النشاطات تختلف باختلاف الخبرة المسبقة للطلاب وعمرهم وقدرتي على توصيل أهداف عملية تساعد على حل المسائل الجديدة بانتظام.

 

ومما أسعدني كثيرا أنه في نهاية المطاف تغيرت فكرة طلابي واكتشفوا أني مهتم فعلا لحل المسائل معهم.

 

ولكن ولسوء الحظ بدأت أصادف مشكلة جديدة! فقد لاحظت أن طلابي بدءوا يعتقدون أن كل ما يقولونه أو يفعلونه صحيحا وأن الإجابة عن المسائل الحسابية ليست مهمة أو ضرورية المهم هو المحاولة. وعادة ما يحدث في خلال هذه الفترة أن يقول الطالب أنه لا يخطئ أو أنه يجب أن يحصل على الدرجة النهائية مادام أنه كتب أي شيء يساعد في عملية الحل!!

 

يعتقد Piaget (1985) أن كل الطلاب سوف يصلون في النهاية  إلى حقيقة الأفكار الرياضية إذا استمروا في الجدل فترة كافية. ولكن هنا تكمن المشكلة. لو أخبرت طلابي أن إجابتهم خاطئة سوف أصبح وحدي منبع قوتهم الرياضية ، وإذا لم أخبرهم أن بعض إجابتهم خاطئة سوف يقتنعون ويرضون بمحاولاتهم الأولي.

ولهذا عندما يطالبون مني أن أخبرهم عن الإجابات والاستراتيجيات الصحيحة أسألهم: " ماذا عن اعتقادك أنت؟" ، " لماذا تعتقد أن هذا الحل أو الإستراتيجية صحيحة". طبعا هذا الرد لم يرضي الطلاب في فصلي في البداية وكانوا يصرون علي أن اثبت لهم الإجابة الصحيحة. ولكني كنت أرد عليهم أن الذي لديه شك في الحل أو الطرق التي استخدمها عليه أن يجد رؤية أخرى لحل المسألة.

هذا الأسلوب اضطر مجموعة من الطلاب على النظر لحل مسألة بائع الأحذية بأسلوب آخر. وقالوا:" بدل من التفكير في قيمة الأموال التي خسرها بائع الأحذية فلنهتم بمن حصل على الأموال في المسألة وكم معهم من هذه الأموال. ومن هنا يمكن أن يقول كم خسر بائع الأحذية:

فالبقال أعطي 20 دولارا لبائع الأحذية ثم استردها إذا هو لم يخسر.

المباحث الفيدرالية احتفظت بالعملة المزورة إذا هي لم تخسر شيئا.

إذا الشخص الوحيد المتبقي بجانب بائع الأحذية هو الزبون الذي اشترى زوج الأحذية وأخذ 15 دولارا

هذه التقويمات المتنوعة والمناقشات والأفكار تساعدنا على ما يعنيه حل المسألة ".

 

* * * * * * * * * * * *

 

والحقيقة أنني حققت ما أريد واعتبرت نفسي واحد من أعضاء كثيرين في المجتمع استطاعوا تخريج طلاب قادرين على معالجة المسائل مهما كانت.

واقتصر دوري بعد ذلك على تقديم المسائل والأسئلة التي تحث على التفكير لأنتظر بعدها الحل من الطلاب.

 

ويجب أن أذكر هنا موقفا مهما وطريفا حدث لي؛ وذلك عندما أعطيت طلابي مسألة تتطلب إيجاد مساحة مجموعة من المثلثات المتساوية الضلعين.

خلال عملية الحل هذه  خمنت إحدى المجموعات أن حاصل ضرب ضلع ما من الأضلاع المتساوية مع نصف القاعدة دائما يكون أكبر من مساحات هذه المثلثات.

والحقيقة أنها كانت أول مرة أواجه مثل هذا الرأي وشعرت أنه يجب علي تبريريه فورا وحتى أخرج من هذا الارتباك ؛ ابتكرت أسئلة ساعدتني وساعدت الطلاب على التفكير بإمعان في التأثير الذي يمكن أن يحدث نتيجة هذا الرأي على بعض القوانين والمسلمات التي أخذناها في حساب المثلثات ذات الضلعين المتساويين. ومن ضمن الأسئلة التي طرحتها " ما الذي يميز المثلثات ذات الضلعين المتساويين؟" ، " كيف يمكن مقارنة ارتفاع المثلث المتساوي الضلعين بأطوال أضلاعه؟".

وبهذه الأسئلة استطعنا إيجاد إجابات مقنعة. عنها فقط شعرت بالارتياح ليس لأني خرجت من مأزق ولكن لأني أصبحت أرى أمامي طلابا أستطيع أن أثق في مقدرتهم؛ فهاهم يبتكرون براهين رياضية لمساندة وإثبات فرضياتهم. وليس بالضرورة أن يتوصل الطلاب إلى هذه المرحلة ولكن يجب أن يكون هناك معلم مستعد للمشاركة في عملية حل المسائل مع الطلاب بأساليب مبتكرة.

 

لقد تعلمت من تجربتي هذه أن أهتم بأدق التغيرات الكيفية في طلابي وفي البيئة المحيطة بالفصل أكثر من الناتج الصحيح للمسألة. فوجدت أنه من الممكن لطلابي أن يمضوا ساعات وأيام وحتى أسابيع في حل مسألة خلال دراستهم وتعلمهم الرياضيات.

 

 

 


آخر تحديث
3/10/2009 11:03:36 AM