عنوان البحث ( الحياة السياسية والثقافية في مكة المكرمة والمدينة المنورة خلال العصر العباسي الأول 132 - 232هـ / 749-846 م )
تناول هذا البحث دراسة الحياة السياسية والثقافية في مكة المكرمة والمدينة المنورة في العصر العباسي الأول 132هـ 232هـ وهو بهذا يعالج التاريخ السياسي والثقافي في مكة والمدينة وهما أهم مدن الحجاز في هذه الفترة ولمدة 100 عام خلال حكم كل من الخليفة العباسي السفاح إلى نهاية حكم الخليفة الواثق . الذي يعد نهاية حكمه خطا فاصلا بين عصرين يختلفان في مقوماتها السياسية والحضارية من حيث تطبيق شعارات الدولة , وقدرات الخلافة وفعاليتها . وقد ثبت نجاح التنظيم العقائدي في فترة التحضير للثورة من حيث السرية التامة خاصة فيما يبدوا أن الناس في أول الأمر نظروا إلى آل البيت جملة على أنهم كل متضامن لا ينازع احد فهم احد
والراجح أن آل البيت أنفسهم لم يكونوا يتنازعون على أمر لا يزال في قبضة غيرهم , فأيهم قام بالدعوة قام عن الجميع , ولهذا كانت الصلة بين بني هاشم وباقي ذرية علي بن أبي طالب قوية . وصار أمر الإمامة أمر تتحمس له كل الفرق , سعيا وراء هدف هو جعل الإمامة في أهلها المستحقين لها . أملا في أن يكون صلاح الأمة على يد ذلك البيت الذي هو أصلحها , مما صرف الناس عن بني أمية , وكانت المفاجأة بالنسبة لبقية آل محمد , أن يكون الأمير للعباسيين .
وقد كان لهذا الأمر صداه البعيد في مكة المكرمة والمدينة المنورة
حيث جابه العلويين الدولة العباسية الناشئة , فشكل الصراع السياسي الذي احتدم بين الفريقين جزء هاماً من تاريخ العباسيين , حيث كشف فيما بعد مدى أهمية دورهما السياسي كمركز كبير للثقل العلوي . مما يوضح أن مكة والمدينة لم تفقد دورهما القيادي والفعال والمؤثر في تاريخ المسلمين السياسي , وما نتج عنه من نتائج ظهرت بوضوح في العصر العباسي الثاني .
أما الجانب الثقافي ... فقد تناولنا فيه أهم الاتجاهات الثقافية والفكرية في كل من مكة والمدينة في العصر نفسه حيث تميزت برسوخ قدم الثقافة العربية , لانتشار الإسلام واستقرار العرب في الأمصار ,ونمو السلطان السياسي فيها , وقد ساعد ذلك كله الحركة الإسلامية الهائلة بين جماهير الموالي حيث أدى انطلاق طاقاتهم المؤثرة في المجال الثقافي كامتزاج الثقافات المختلفة بالثقافة العربية , فتركت أثارها وطرازها في الفن وأسلوب الحياة الاجتماعية والفكرية , ونشاط حركة الترجمة من الفارسية للعربية , ومن العربية إلى غيرها من اللغات . أضف إلى ذلك كان لحركة العلماء وخروجهم من مكة والمدينة إلى الأمصار الإسلامية ثم وفود علماء الأمصار إليهما لينهلوا من معين أجلة العلماء والفقهاء دور هام ومؤثر في ازدهار الحياة الثقافية الإسلامية في العصر العباسي الأول . والتي لمسنا أثارها في القرن الرابع الهجري , والتي نمت بذورها من مدرسة المدينة النبوية الثقافية , وأثرت في التشكيل الثقافي للأمصار الإسلامية . فنجح الفقه المالكي في هذه المدرسة في التصدي لحركات الفرق والمذاهب والنحل التي عمت العالم الإسلامي في تلك الفترة , فكان سياجا واقيا للفكر الإسلامي الصحيح .
|