لقاء مع عكاظ: مرض السكري ومضاعفاته على القدمين

في لقاء مع جريدة عكاظ, أوضح سعادة البروفيسور/حسن الزهراني, مشرف كرسي الشيخ محمد حسين العمودي للقدم السكرية النقاظ التالية. 

يعتقد الكثير من الاطباء والباحثين بأن مشكلة تفشي مرض السكري ومضاعفاته من أهم المشكلات الصحية التي تواجه بلادنا الغالية اليوم ، فقبل 30 عاما تقريبا كانت نسبة الإصابة بالسكري بين السعوديين  تتراوح بين 3-4% فقط، ثم لوحظ أن أعداد المصابين  بمرض السكري آخذة في التزايد  سنوياً وبصورة متنامية نتيجة  لتغير نمط الحياة إثر الطفرة التي حدثت منذ السبعينات الميلادية، والتحسن الملحوظ في دخل الفرد مما أدى الى زيادة في كمية المتناول من الطعام وتفشي البدانة المرتبطة بالنوع الثاني من مرض السكري، إضافة الى ظاهرة الاطعمة السريعة ، كما تزامن ذلك مع قلة النشاط البدني وتفضيل المجتمع لحياة الدعة والرفاهية، كما أن زيادة الضغوط في الحياة قد ساهم في تعقيد المشكلة.

فطبقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية وبعض الدراسات  يمكن القول بأن واحداً من كل 5 سعوديين يعد مريضاً بالسكر ، وتزداد نسب الإصابة لتناهز 1 من 3 مع تقدم العمر.

ومعظم الحالات مرتبطة بتفشي البدانة، حيث تسجل بلادنا نسب تعد الأعلى على مستوى العالم بأسره وتأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية. وتنتشر الظاهرة في السيدات على وجه الخصوص حيث لوحظ في إحدى الدراسات التي أجريناها في كرسي محمد حسين العمودي لأبحاث  القدم السكرية بأن 90% من السيدات المصابات بالسكري كن بدينات وربات منازل.

أن أي خطة لمكافحة مرض السكري لا بد وأن تنطلق من توعية شاملة بأهمية تغغير نمط الحياة وهو ما يستدعي وضع حزمة من الخطط وليست خطة صحية فقط، ومن ذلك تحويل بلادنا الى ورشة عمل لمكافحة البدانة وحياة الخمول وبالذات بين الأجيال الشابة، ولا بد لها من أليات واضحة تحول مدننا الى مدن صحية ومدارسنا الى مدارس معززة للصحة، وبدون ذلك سوف نراوح في مكاننا ونحن في انتظار تسديد الفواتير الباهظة للرعاية الصحية لمرض السكري ومضاعفاته، والتي قد يتعذر على الاجيال القادمة ان تتحملها، على الجميع أن يتحرك عاجلا فالانتظار سيزيد من المضاعفات والتي تعني ببساطة المزيد من مرضى العيون، الكلى، الشرايين، القدم السكرية وما يرافقها  من بتر للأطراف .

 و نظرًا لقلة الوعي لدى كثير من  المرضى بأهمية التحكم في مستويات السكر في الدم لديهم ، فقد تزايدت نسب حدوث المضاعفات طويلة المدى لمرضى السكري ، و يأتي في مقدمة ذلك نسب الإصابة بحدوث مضاعفات القدم السكرية .

و تكمن خطورة مشكلة القدم السكرية على مرضى السكري فيما قد يترتب عليها من إعاقة للمريض   لاحتمالية حدوث بتر لأحد الطرفين السفليين أو كليهما -لا قدر الله - ، حيث يتعرض 6 من كل ألف  ، وتجرى كل نصف دقيقة عملية بتر حول العالم لمرضى السكري، ويتوقع أن يفقد 3600 مريض بالسكري في المملكة  أطرافهم السفلية أو جزاءً منها في السنة الواحدة طبقاً للدراسات التي قمنا بإجرائها مؤخرًا ، أما عند حدوث قرحة مزمنة فإن علاجها يستلزم عقاقير و مضادات قد تضر بكلى المريض التي تعاني في الغالب من مضاعفات مرض السكري و  قد  يرافق ذلك تصلب شرايين بقية الأوعية الدموية المغذية للقلب أو الدماغ ، إضافة إلى حدوث تشوهات في القدمين تسهم في تكرر حدوث القروح و تعطل التئام الجروح .

و لا تقتصر المشكلة على البعد الصحي بل تمتد مشكلة القدم السكرية لتشمل  أبعاداً اجتماعية و نفسية و اقتصادية تضاف إلى ما يعانيه المريض من مشاكل صحية ، و يأتي في مقدمة ذلك فقد المريض لوظيفته أو تأثر أدائه فيها ، و معاناته من مشاكل نفسية قد تؤثر على حياته الزوجية و علاقته بأفراد أسرته ومجتمعه ، إضافة إلى ما يشكله الإنفاق المالي على علاج و متابعة و تأهيل حالات القدم السكرية من أعباء باهظة ترهق ميزانية الصحة للدول التي يتفشى فيها مرض السكري.

و مما يعقد من علاج حالات القدم السكرية كون المشكلة الصحية المسببة له – نقصد مرض السكري-  مشكلة عامة متعددة الأسباب و المضاعفات وتؤثر على جميع أجهزة الجسم الحيوية  تقريباً ، مما ينعكس أثره على تشكيلة الفريق الطبي الذي يشارك عادة  في تشخيص و متابعة و توعية و علاج هذه الحالات ، الأمر الذي يجعل من تأهيل و تدريب وتوعية كافة أفراد الفريق الطبي مطلباً  للجهات المشرفة على الصحة ، و يحتم وضع مقاربة ( أو بروتوكول ) واضحة و شاملة  للتعامل مع هذه الحالات لإعطاء المريض أفضل خطة علاجية تستند إلى الدليل العلمي و الأبحاث الموثوقة ، بعيداً عن الممارسات الخاطئة و التي يأتي في مقدمتها الاجتهادات الطبية الخاطئة و الاستخدام العشوائي لبعض العقاقير و الأعشاب الطبية دون استشارة الطبيب المختص  ، وتدعو إلى العمل على كافة المحاور المتعلقة بالمشكلة وإلى التعاون بين المشاركين في تثقيف وعلاج مرضى القدم السكرية. إننا نتحدث اليوم وللاسف عن 8 مليون قدم سعودية مهددة بالمضاعفات وفي خلال 10 سنوات نتوقع أن يعاني أكثر من 20000 سعودي من بتر للطرف السفلي من مستوى الساق أو الفخذ وهو ما يعادل 10 أضعاف عدد الاطراف التي بترت في الحرب العالمية الثانية!!.


آخر تحديث
5/14/2011 1:50:25 PM
 

أضف تعليقك
الاسـم :
 
البريد الالكتروني :
 
رقم الجوال :
عنوان التعليق :
 
التـعـلـيـق :
 
أدخل الأحرف
الموجودة في الصورة :