بحوث ومؤلفات -الكتب - الامام المتوكل على الله اسماعيل ابن القاسم
|
|
لشخصية الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم (1054-1087هـ/1644-1676م) أهمية كبيرة في تاريخ الجزيرة العربية بصفة عامة، وفي تاريخ اليمن بصفة خاصة. فقد كان أول إمام تتوسّع في عهده الدولة الزيدية إلى أقصى مدى وصلته بعد استقلالها عن الدولة العثمانية عام (1045هـ/1635م) فقد وصلت جيوشه إلى جنوب اليمن وتم له الاستيلاء على أبين ولحج وعدن عام (1055هـ/1645م)، ثم توغلت جيوشه فاستولت على الشعيب، وبني أرض، ويافع. وفي عام (1069هـ/1658م) قرر الاستيلاء على حضرموت، أما ظفار فقد خضعت له في عام (1074هـ/1663م)، وأصبحت جيوشه بذلك على مقربة من عمان، واستمرت جهوده العسكرية تحقق نجاحًا تلو الآخر حتى أصبحت اليمن دولة واحدة تحت حكمه. كما حرص الإمام على تعزيز سلطته في المنطقة فسعى إلى الاتصال بالعديد من الحكام، فكانت له اتصالات داخل الجزيرة العربية بدولة اليعاربة، وأشراف مكة. وفي خارجها ببعض الدول الإسلامية، كالدولة العثمانية، والدولة المغولية، والدولة الصفوية. ولم تقتصر اتصالاته على الدول الإسلامية، وإنما تعدتها لتشمل بعض الدول المسيحية كدولة الأحباش وبعض الأوروبيين. أما أهداف تلك الاتصالات فلقد تعددت فمنها ما هو سياسي، ومنها الاقتصادي، ومنها ما هو ديني. ولم تقتصر جهود الإمام على النواحي العسكرية والسياسية وإنما امتدت لتشمل الجانب الحضاري، فقد اهتم الإمام بتنشيط الحياة الفكرية، وكان أحد روادها، وخير شاهد على ذلك ما تركه من مصنفات في العلوم الدينية وغيرها. كما اهتم بالحياة العمرانية مثل بناء المدن، وترميم القصور، وتمهيد الطرق، وحفر الترع، وتوصيل القنوات إليها. ولم يقتصر اهتمام الإمام على ذلك، وإنما امتد ليشمل الحياة العامة والإدارية، مثل اهتمامه بالقضاء على الفوضى والاضطرابات التي انتشرت داخل مناطق نفوذه وإخمادها، حتى لا تؤدّي إلى المزيد منها، فتسبب الخلل في نظام الحكم. فضلاً عن اهتمام الإمام بتولية الولاة، وضرب النقد، وتحديد الضرائب. ولعل هذه الجوانب الحضارية تعطي لنا صورة كاملة عن بلاد اليمن المزدهرة في عهد الإمام إسماعيل بن القاسم.
كان هذا عرضًا موجزًا لأهم النقاط التي تناولتها هذه الدراسة، والتي تم الاعتماد فيها على المخطوطات اليمنية كمصادر أولية للمادة العلمية، بعد أن ظهر لنا أهمية الموضوع، وخلو الساحة العلمية من الدراسات العلمية الحديثة له _على حد علمنا_ لذا فإن هذه الدراسة قد تكون جهدًا لمواصلة المشوار العلمي من حيث انتهت إليه الدراسات السابقة.
|
|