جامعة الملك عبدالعزيز : خسوف كلي للقمر في شهر رجب

 

أوضح رئيس قسم الفلك بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حسن محمد باصرة أنه سيحدث بمشيئة الله خسوف كلي للقمر مغطيًا مناطق شاسعة تشمل أوروبا وإفريقيا وآسيا، وذلك ليله الخميس الرابع عشر من رجب المقبل 1432هـ حيث تكون بداية الخسوف الجزئي عند الساعة 9:23 مساء ويستمر جزئيًا إلى الساعة 10:22 حين يكتمل ولوج كامل قرص القمر في ظل الأرض ثم يستمر في حركته داخل الظل وتكون مركزيته عند الساعة 11:13 وينتهي الخسوف حوالي ساعة بعد منتصف الليل.

وأشار سعادته  أن الخسوف آية كونية يكتنفها التنبيه والتحذير لا تختص بمكان وزمان معين بل تستمر لكل عصر مهما بلغت تطور تقنياته، فقديمًا كان مجرد طمس ضوء القمر أو الشمس يثير الرعب في الأنفس وذلك لحدوثه فجاءه، أما اليوم ومع المعرفة المسبقة لموعد حدوث هذه الظواهر فإنها لا تزال توضح مدى القدرة اللاهية التي تتضاءل أمامها البشرية بكل ما تمتلكه من تقنية ولو قل مستوى الخوف منها، لذلك فإنها لا تزال تتضمن العديد من حقائق الكون وآياته كما سنرى،  لذا نجد أن التخويف الذي احتواه الحديث الشريف يتجلى بصور شتى باختلاف العصور والسنين.

وأضاف الدكتور باصرة أن القمر يدور حول الأرض في مستوى قريب من مستوى الأرض حول الشمس فانه يعبر مخروط ظل الأرض (الذي يمتد خلفها لمئات الكيلومترات في الفضاء) وهو بدر فتُحجب عنه أشعة الشمس لحين خروجه من الظل ويعتمد نوع الخسوف ومدته على بُعد القمر عن الأرض، فإن كان بعيدًا تكون فترة الخسوف أقصر مما لو كان قريب، كما أنه لا يحدث الخسوف شهريًا وذلك لأن عبور القمر قد يكون محاذيًا للظل وليس من خلاله.

مبينًا سعادته أن الدراسات المستفيضة أدلت بأن الغلاف الجوي الأرضي يعمل كعدسة لآمة (محدبه) تكسر بعضاً من أشعة الشمس الحمراء باتجاه القمر أثناء الخسوف مما يتسبب في إضاءة سطحه وعدم اختفائه تماماً أثناء الخسوف الكلي مما يجعله متوحشًا باللون الأحمر. وكلما ازداد صفاء الغلاف الغازي الأرضي ازدادت كمية الأشعة الحمراء المنكسرة وازدادت شدة احمرار قرص القمر، ولو أن راصداً موجوداً على سطح القمر ويراقب الأرض لحظة الخسوف الكلي فإنها ستبدو على شكل قرص أسود وقد أحاطت بت هالة حمراء لامعة. ولهذا الأمر فهنالك عدد من المراكز البحثية التي تهتم بدراسة اختلاف تغير شدة احمرار قرص القمر من خسوف إلى آخر، وذلك لمتابعة التغيرات التي تحدث في طبقات الغلاف الجوي الأرضي وصفائه. وقد تم تصنيف لون القمر أثناء الخسوفات الكلية إلى أربعة أقسام، الأول: اسوداد تام يتمثل في عدم ظهور أي ملامح على سطح القمر، الثاني: يظهر القمر باللون الرمادي أو ًاالبني مع ظهور باهت لبعض ملامحه، الثالث: أن يكون لون القمر محمرًا، والرابع: هو أن يكون لون القمر برتقاليًا أو نحاسيًا. 

وذكر أن من  أهم مسببات عدم صفاء الغلاف الجوي عنصرين : الأول، حرائق الغابات الضخمة والتي يصدر عنها كميات كبيرة من الغازات. وثانيًا، حدوث انفجارات بركانية ضخمة تتدفق خلالها المخلفات البركانية من غازات وجزيئات رمادية إلى طبقة الأستراتوسفير على ارتفاع مابين 25 - 50 كيلومتر، حيث يبقى فيها الرماد البركاني عدة أيام، بينما تتفاعل الغازات الكبريتية المؤكسدة مع بخار الماء مكونة سحب كيميائية تظل عالقة في الجو وتتسبب في عدم انكسار الأشعة الشمسية باتجاه القمر. فعلى سبيل المثال عندما ثار بركان كراكاتوا بإندونيسيا سنة 1833م اندفع منه الرماد والغبار إلى ارتفاع 35 كيلومترا معكراً سماء الكرة الأرضية مما تسبب في تغير لون الشمس أثناء شروقها وغروبها  في شتى أنحاء الأرض وذلك ما أوضحه ابن بشر في كتابه "عنوان المجد في تاريخ نجد" حيث قال: ظهر في الشرق والغرب حمرة وصفرة بعد غروب الشمس ودامت أشهراً  وصار في السماء والأرض نور قريب من نور القمر وكان ذلك في 1247هـ - 1833م.

واختتم الدكتور باصرة حديثه أن الخسوف الكلي للقمر الذي سيحدث ليلة الخميس الرابع عشر من شهر رجب الأصم 1432هـ ويكون القمر مقتربًا من الأرض ويعبر من منتصف مخروط الظل مما يزيد من فترة الكسوف ومثل هذا العبور المركزي له دورات متفاوتة ففي كسوف منتصف ربيع الثاني 1421هـ كان مرور القمر قريب من المنتصف الكسوف الذي سيكون بإذن الله في منتصف ذي القعدة من عام 1439هـ   سيكون مركزي بإذن الله. أما أسطورية أنه الأكثر ظلمة وعكس الخسوفات الكلية الأخرى فالأمر خال من الدقة ويعكس مدى الجهل بالظروف الفيزيائية والطبيعية المصاحبة لهذه الظاهرة وهذا مما يصدر عن غير المتخصصين وذلك ما يتضح جليًا مما تم ذكره أعلاه.
 
هكذا نعرف أن تغير لون سطح القمر أثناء الخسوف الكلي فيه دلالة على مدى تلوث الغلاف الجوي الأرضي وإشارة تنبيهيه للبشرية لإدراك ما يحدث في الجو، ثم أن مثل هذه الحقائق تتطلب منا التفكر فيما سخره المولى عز وجل من آيات تتجلى في هذه الأجرام السماوية وذلك ليفزع المسلمون إلى ما أمروا به من الدعاء والذكر والتكبير والاستغفار والصدقة والصلاة وليس هناك دعاء خاص بل يدعو الإنسان بما تيسر له من المغفرة والرحمة والعفو.

 


آخر تحديث
5/4/2011 9:10:35 AM
 

أضف تعليقك
الاسـم :
 
البريد الالكتروني :
 
رقم الجوال :
عنوان التعليق :
 
التـعـلـيـق :
 
أدخل الأحرف
الموجودة في الصورة :